جمال الأرابيسك: رحلة عبر فنون الصدف في الدرب الأحمر

جمال الأرابيسك: رحلة عبر فنون الصدف في الدرب الأحمر

تواصل أنامل حرفيي الدرب الأحمر في القاهرة القديمة إبداع عالماً من الفنون والأصالة، حيث يتم تحويل قطع الخشب البسيطة إلى تحف فنية رائعة مزينة بالصدف والأرابيسك. تمثل هذه الحرف اليدوية، الموروثة جيلاً بعد جيل، التراث العربي من خلال تفاصيلها الدقيقة وأشكالها الهندسية المتناسقة، مما يجعل كل قطعة تعكس هوية ثقافية غنية. في هذا المكان، يمتزج الفن بالحرفية لتخرج منتجات تخطف الأنفاس ويتجاوز تأثيرها الحدود، سواء كانت صناديق للمجوهرات أو آلات موسيقية أو حتى لوحات جدارية ضخمة. هذه الصناعة ليست مجرد عمل يدوي، بل هي رحلة تاريخية تحتفي بالجمال البحري والتصاميم الإسلامية التقليدية.

فن الأرابيسك في الدرب الأحمر

في قلب الدرب الأحمر، يشارك عمرو أحمد نادي، المعروف بـ “عمرو زيكا”، قصة الإبداع التي تمتزج فيها الفنون العربية مع الحرفية المتقنة. يوضح كيف يتم دمج فنون الخرط والأرابيسك في التصميم، حيث يتداخل الخشب بشكل معقد ليشكل أنماطاً رائعة، ثم يتم تزيينه بالصدف المستخلص من مصادر متنوعة مثل مصر وعمان وأستراليا. يعكس هذا العمل مهارة الحرفيين في دمج العناصر الطبيعية مع الفنون التقليدية، لتنتج قطعاً فنية تُعبر عن قيمة أكبر من الجماليات، بل تمثل جزءاً من التراث الإنساني. من خلال هذه العملية، يحافظ الحرفيون على الهوية المصرية الأصيلة التي تتجاوز الزمن، مستلهمين تقنيات قديمة تتطور لتلائم الأذواق العالمية.

أساليب الخرط والتزيين

تشمل مراحل صناعة هذه المنتجات سلسلة من الخطوات الدقيقة، بدءاً من تجهيز الخامات مثل الخشب والصدف، مروراً بصنفرة وتقطيع الصدف إلى أشكال هندسية صغيرة مثل المثلثات والمربعات، وصولاً إلى التلميع والدهان. يؤكد عمرو زيكا أن هذا الفن يتيح تنوعاً واسعاً في المنتجات، حيث يمكن تطبيق الصدف على مجموعة متنوعة من العناصر مثل الصناديق، المجوهرات، السيوف، والطاولات، بل وحتى اللوحات الكبيرة. على سبيل المثال، أنجز عملاً مميزاً تمثل في لوحة حائط بلغت أبعادها أربعة أمتار في ثلاثة أمتار، تتكون من مليون قطعة صدف استغرقت نحو أربعين يوماً لتجميعها. هذه المنتجات لا تقتصر على السوق المحلي، بل تُعرض في أسواق مشهورة مثل خان الخليلي والأقصر وأسوان، وتُطلب في دول مثل السعودية والإمارات والبحرين وليبيا والولايات المتحدة. يعزز هذا الانتشار من مكانة الصناعة كرمز للإبداع العربي، حيث تتجاوز هذه التحف الفنية الحواجز الثقافية وتوضح كيف يمكن للحرف اليدوية أن تُشكل جسراً للحوار العالمي. في الدرب الأحمر، يظل هذا التراث يتألق، محافظاً على أصالته وفي الوقت نفسه يتكيف مع المتطلبات الحديثة، مما يجعل كل قطعة قصة حية تعبر عن الجمال والإرث.